ملكة الذوق ₪انائبة المدير العام₪
المساهمات : 59 تاريخ التسجيل : 02/10/2008
| موضوع: الجليد لا ينصهر أحيانا !! السبت أكتوبر 04, 2008 7:03 am | |
| الجليد لا ينصهر أحيانا !!
راح يتأمل كرات الثلج وهي ترتطم بزجاج نافذته ، ثم تتهاوى على حافة النافذة ، فبدت كأنها عيون تختلس النظر إليه وتقتحم خلوته ..
لم يكن يأوي إلى صومعته والتي حرص على إستقلالها وإستكمال مرافقها وأجهزتها إلا عندما يوشك على إخراج ما برأسه على الورق . فيصبح كإمرأة جاءتها آلام المخاض ، وستلد توا أو لاحقا !!
محظورٌ على زوجته أن تقتحم خلوته ، ومحظورٌ أن يرتبط بالواقع خلال تلك الساعات ؛ فقد تقمص هو شخوصه التي رسمها في خياله ، وحدد ملامحها وسلوكها وصفاتها ، و خلق لها حياة من رسمه ووحيه إيذانا لأن تـنـطلق لـتـلعب أدورها كما حدده هو لها ..
وماعليه الآن إلا أن يستنطقها ويدير أحداثها ..
حلبة من الصراع هو على رأسها يحركها كيفما أراد .. وأحيانا تثور عليه تلك الشخوص ، فترفض سلبيتها كما أراد لها ، أو ترفض أن تموت في توقيت هو حدده لها ؛ فيبدو الصراع على وجهه ، وربما تحدث معها بصوت خفيض وهو مغمض العينين ولكنه يراها ماثلة أمامه في تحدٍ وصلف ، فيمسك بقلمه ويشطبها ، وكأنها لم تكن ، أو يمزق كل أوراقه ، ويعود متأملا من جديد كأنه يستحضر شخصيات أخرى يستدعيها من الخيال . فتلبى صاغرة !! وطرقت زوجته الباب !!
ثم دلفت دون أن يأذن لها .. لم يستطع أن يخفي دهشته ؛ فيبدو أن هناك أمرا جللا دفعها لإرتكاب تلك المعصية !!
ـ نعم هناك أمرهام أريد أن أتحدث فيه معك !!
قال وهو يحاول أن يتمالك أعصابه كاظما غيظه :
ـ هنا ؟!! .. والآن ؟!!
قالت بتحدٍ وهي تتلوى بجسدها :
ـ نعم هنا والآن !! .. فلم أعد أراك ، فأنت إما في صومعتك تلك التي تقضي فيها معظم وقتك ، و في الأوقات القليلة الباقية تجلس معي صامتا تنظر إلى لا شئ وكأنك تبحث عن العدم !!
هذه قطعة أخرى من الجليد ، جاءت تقتحم خلوته ، دون أن تأبه بحالته ..هكذا حدث نفسه ، ثم قال بهدوء أشبه بالهدوء الذي يسبق العاصفة :
ـ أنا أسمعك !!
ـ أنت لم تعد تسمعني أو تحبني !!
نعم أرى في نظرتك لي ضيق لم أكن ألحظه في سنوات زواجنا الأولى .. لم أر ضحكتك منذ زمن ، و التي أستمع إليها وأنت تحادث أصدقاؤك ..
أعلم ما تريد أن تقوله الآن .. ستقول : ( ثم تقمصت هيئته الجادة ، وأغلظت صوتها قليلا وهي تحاكيه ) : لقد أوضحت لك حالتي قبل الزواج . وأنتِ رضيتِ !!
قالت هذا الذي قالته ، ثم خلعت روبها وقذفته على أحد المقاعد !!
إبتسم ساخرا .. ثم إشتمت أنفه رائحة عطر لا تتعطر به إلا عندما ترغبه ..ثم بدأ يلحظ باقي تجهيزات الهجوم بدءً من لون قميصها الأحمر الشفاف .. وشعرها الذي أطلقته ، ولا آثار لأي دبوس شعر بين خصلاته .. فهذا يزعجه . بل يؤلمه !!
شعرت هى بتجول عينيه وهو يتفحصها . فقد وصلته الرسالة ، وبقيت الخطوة الأخيرة لكي تهزم كبرياؤه بأنوثة هي تجيدها .
نظرت الزوجة لكرات الثلج التي تكومت على زجاج النافذة ؛ ثم لمعت عينيها وهي تباغته قائلة :
ـ هيا نغيظ هذا الجليد !!
حدق فيها مندهشا :
ـ وكيف يغتاظ هذا الجليد ؟!
ـ نجعله ينصهر من دفـئـنـا !!
وبحركة واحدة أمسكت يده ، وبالأخرى ضغطت على زر الكشاف المثبت على مكتبه لتطفئ توهجه أو لتطفئ نارها !!
.. ثم جذبته إلى الفراش الصغير أسفل النافذة .. بجوار الجليد الذي سيذوب غيظا وكمدا . عندما تذوب هي !!
عندما حل الظلام في الصومعة إلا من بعض ومضات برقية ترسلها السماء ويعقبها صوت الرعد . وكأن الرغبة لها زئير يدوي . بدت له في الظلام كل شخوصه ، وكأنها إصطفت بجوار الفراش لترقبه !!
إعتراه الخجل !!
أدار كل جسده في مواجهة تلك الخيالات ، وكأنه يثور عليها ويؤجل موعدها ريثما إنتهى من صد هذا الهجوم الأنثوي المباغت ، فبدا وكأنه يشيح بجسده عن تلك الجسد الراغب و الرابض بجواره . فإنتفضت هي ثائرة ، وهبت من الفراش غاضبة ..
وإرتدت روبها بعصبية لم يرها منها من قبل ، و حررت شعرها من تحت روبها ، وكأنها تقذفه للجحيم !!
وغادرت صومعته الباردة كالثليج ، وأغلقت بابها بعنف حتى كاد ينفصل عن إطاره محدثا صوت إختلط مع أصوات الرعد . ولكن بلا توهج وبلا بريق وبلا دفء !!
وأما هو فقد عاد فرحا سعيدا لشخوصه من جديد !!
وأما الجليد فما زال جليدا ، ولم ينصهر !!
إنتهت . ********************* مع خالص حبي واحتررامي ،، ملكة الذووق ،،
| |
|